الجمعة، 15 مارس 2013

وانتقلنا للموقع الجديد



بحمد الله انتقلت مدونتكم التاريخية
( هنا الكويت )
الى الموقع الجديد ويشرفنى متابعتكم لها


اخوكم وليد الغانم

ابوخالد

الجمعة 3 جمادى الاول 1434

الموافق 15/3/2013

الثلاثاء، 12 مارس 2013

لا تزوروا التاريخ .. انه غزو عراقي وليس صدامى .


الغزو الذى حل بالكويت سنة 1990 هو غزو عراقي لم يكن غزوا صداميا ولا غزوا بعثيا ولا داعي لتزوير تاريخ الوطن ومجاملة من لايستحق المجاملة على حساب البلد وكيانه لم تكن أطماع العراق في الكويت من افكار صدام حسين التاريخ يشهد خلال القرن الماضي ان العراقيين لم يتوقفوا عن التفكير في الاعتداء على الكويت سياسيا وعسكريا خلال اكثر من 90عاما متواصلة وباختلاف الانظمة الحاكمة الملكية ثم الجمهورية ثم الحزبية ثم الديموقراطية  ولم  تتوقف اعتداءات العراق على الكويت بتغير نظام الحكم فيها ولا بتغير اشخاص من يقودها ما عدا فترات متباينة فى الاربعينات والخمسينات سادها شيئ من الهدوء بالرغم من عدم حسم قضية ترسيم الحدود وفترة حكم عبد السلام عارف 1963/1966 وبخلاف ذلك فلطالما كان محور عدم الاعتراف باستقلال الكويت ورفض ترسيم الحدود والمطالبة بجزيرتى وربة وبوبيان  عناصر ازمات متكررة على مدى عقود من الزمن ويمكن تلخيص ابرز محطات الاعتداءات العراقية على الكويت بالاحداث التالية
1-    (1932) أزمة الاعتراف بالحدود مع رئيس الحكومة العراقية نوري السعيد  
2-    (1938)  اذاعة قصر الزهور التي انشأت فى عهد الملك غازي  لبث الفتنة في الكويت والاستفادة من فورة النشاط الوطنى والشعبي الكويتى المطالب بمزيد من الاصلاحات السياسية والمشاركة فى الحكم
3-    (1939) ازال العراق لوحة حدودية وضعها الرائد البريطانى بحضور الشيخ لتحديد نقطة الحدود الكويتية العراقية فى منطقة صفوان وتلا ذلك مراسلات عديدة بين الكويت وبريطانيا والعراق لحسم موضوع الحدود وتوفي الشيخ احمد الجابر ولم يتمكن من انهاء هذا الملف
4-     (1961) حركة عبدالكريم قاسم بمحاولته ضم الكويت عسكريا عام 1961 بعد ستة أيام من استقلال دولة الكويت  قائلا ( ان الكويت قضاء عراقي تابع لمحافظة البصرة ) فنظم حملة دعائية وسياسية محمومة لكن الكويت بقيادة عبدالله السالم بادرت لاتخاذ اجراءات وقائية ورادعة مبكرة تمثلت فى استدعاء قوات بريطانية وسعودية للمرابطة فى الكويت وترتب عليها قطع العراق لعلاقاته الدبلوماسية مع العديد من الدول العربية مثل مصر وسوريا والكويت والسعودية والأردن وانتهى به الأمر إلى الغاء عضوية العراق من الجامعة العربية أواخر عام1961
5-    ديسمبر 1972 عندما بدأ العراق بشق طريق داخل الأراضي الكويتية نحو جنوب أم قصر بحجة حماية ميناء أم قصر من هجوم إيراني محتمل .  
6-    مارس 1973م  تطور الامر الى اعتداء عراقي صريح ومباشر على مركز الصامتة الكويتي الحدودي وقتل قائد الشرطة ومساعده وجرح عدة أفراد من الشرطة الكويتية ، وفي 28 إبريل 1973م سحب العراق قواته من مركز الصامتة  واغلقت الحدود ومنعت الكويت المواطنين من السفر للعراق حتى سنة 1977
7-    ( 1975 ) العراق وبعد توقيعها اتفاقية الجزائر مع ايران تقدمت للكويت بطلب لتأجير جزيرة بوبيان لمدة 99 عاما لكن الكويت رفضت هذا الطلب
8-    وبعد قيام الحرب العراقية الايرانية 1980 انشغل العراق عن مطالباته فى الكويت او مناطق منها خاصة مع حاجته لمساندة دول الخليج العربي في حربه ولكن المكر العراقي متاصل فى نفوس قياداته عبر التاريخ المعاصر الا من رحم الله فما انتهت حرب الخليج الاولى 1988 حتى بادر العراق بافتعال ازمات مع دول الخليج وخاصة الكويت لتهربه من سداد التزاماته لها ولاشغال جيوشه المقاتلة وعدم تركها فى فراغ ولالهاء شعبه عن حقيقة الانهيار العراقي الداخلي وبظروف معلومة فى تلك الايام السوداء من تاريخ الكويت والعرب والمسلمين والعالم  صار الغزو العراقي (1990) بكل ما فيه من جرائم وانتهاك لابسط قواعد الاسلام وقوانين العلاقات الدولية وحقوق الجيرة والعروبة ليحمل العراق اثاما لا تطهر من دماء الكويتيين الابرياء وتهجير شعبها وتدمير البلد وسرقة مقدراتها واسر ابنائها وتلويث بيئتها وحرق ابارها حتى قدر الله النصر العظيم والذى انتهى بهزيمة نكراء لقوات العراق وانتصار كبير للشرعية الكويتية بفضل الله تعالى ثم قوات التحالف فى الحرب المشهورة بحرب عاصفة الصحراء او حرب الخليج الثانية
9-    ومن بعد تحرير الكويت من 22 عاما وحتى يومنا هذا تستمر التحرشات العراقية و محاولات التنصل من القرارات الاممية التى حسمت المسائل الكويتية العراقية فى شان الحدود البرية والبحرية للكويت والعراق  وتوقع العالم ان تتغير مسالك العراق بعد سقوط حزب البعث العراقي وطاغية العراق سنة 2003 لكن الامور لا زالت كما هى فالعراق يراوغ فى تنفيذ التزاماته و العراقيون يشاغبون الكويت في كل حين في قضايا الحدود وميناء مبارك والتعويضات وغيرها ..
ان كل هذة الاحداث التاريخية التى ذكرتها باختصار جدا وكل هذة النوايا السيئة من العراق على مدى عشرات السنين فى تعامله مع دولة الكويت تدل دلالة واضحة لا لبس فيها ان مشكلتنا هي مع العراق وقياداته لا مع صدام حسين او مع حزب البعث كما يحاول بعض الناس ان يطمسوا تاريخ عميق من الجروح والاعتداءات العراقية علينا , نعم لاصلاح العلاقات مع العراق وفرض الاحترام المتبادل وفقا لمبادئ الاسلام والعروبة والقوانين العالمية لكن هذا لا يعني تزييف التاريخ وتزويره وبخس حق الكويت الكامل فى استقلالها واستقلال كل شبر من اراضيها وشواطيها وجزرها وتبقى الحقيقة الواضحة التى لا ريب فيها ان الغزو هو غزو عراقي وليس غزو صدامي فلا تدعوا احدا يزور الحقائق ويتلاعب بالتاريخ .. اكتب هذة التدوينة بمناسبة اعتداءات العراقيين على حدود الكويت بالامس ومهاجمة فريق ترسيم الحدود, واتهامات احزاب وجهات عراقية رسمية للكويت بترهات اثبت الزمن والتاريخ والقوة والقانون والسياسة بطلانها  والله الموفق.
وليد الغانم

مراجع
1-    ويكيبيديا
2-      دراسة مجلس الامة الكويتي عن العلاقات الكويتية بعد الغزو /2003  إشراف المستشار أ.د. رمزي سلامة  إعداد
نايف المطيري - باحث اجتماعي
ماجد الديحاني - باحث اقتصادي
إبراهيم دشتي - باحث سياسي
3-     موسوعة مقاتل من الصحراء  www.moqatel.com


الأحد، 24 فبراير 2013

26فبراير1991 .. مذكرات شاهد على الغزو العراقي (5) .


فى شهر فبراير 1991 وبينما كانت حرب تحرير الكويت من الغزو العراقي فى اوجها والضربات الجوية لقوات التحالف مستعرة تقصف بغداد وما حولها كان الصامدون على ارض الوطن يعدون الساعات والدقائق فى انتظار بشائر التحرير من براثن المعتدين ولم يكن اهالى الكويت فى الخارج اقل شوقا واهتياجا للعودة للوطن العزيز وقد طالت بهم الفرقة عن ترابه الغالى ... فى تلك الايام الكالحة اشتد تضييق العراقيون لنا داخل الكويت والتى قد غادرها الكثير من اهلها وبدت بعض المناطق خاوية الا من بيوت قليلة هنا وهناك وربما تمر على الشوارع السكنية المتتالية والفرجان المتقاربة فلا تجد بها الا بيتين او ثلاثة ... توقف الانتقال بالسيارات بين المناطق ولم يعد مسموحا لنا بقيادتها حتى لو كنت تملك احد تصريحات العراقيين وتقلص الوقت المسموح به لنا بالتجول الى قبيل المغرب ثم يبدأ بعدها المنع من الخروج للشوارع واضطرنا فى الاسبوعين الاخيرين او الثلاثة لاداء بعض الصلوات جماعة فى منازلنا ... واما السماء فتلبدت بغيوم الرحمة والمطر المتواصل بشكل غير مسبوق على اراضي الكويت واشتد ظلام الليل بدخان ابار النفط المشتعلة التى احرقها العراقيون فى انتقام دنيئ وتخريب متعمد لما تبقى من ارض الكويت الغالية .. لم يكن الطعام متوفرا بشكل جيد وربما تحصل بعض الصامدين على مواد غذائية جيدة من تخزينهم اثناء الازمة وبقى بعض الناس لا يجدون الا العيش ( الارز ) والخبز وبواقي اطعمة ومعلبات استوردت من العراق وبيعت اثناء الغزو واما الماء فبدأ يتقطع كما الكهرباء التى تنفصل احيانا عن المناطق لاسباب غير معلومة ...كان الراديو صديقنا الذي ينبأنا بالاخبار فى ظل انقطاع التواصل مع باقى الكويتيين فى المناطق المجاورة وكانت وسيلة الانتقال الممكنة فى تلك الفترة الدراجات الهوائية حيث ازدهرت بين الشباب والرجال كونها سهلة وميسرة ولا تتطلب التصريح من جلاوزة الجيش العراقي الغادر... قضينا تلك الايام بين هدير طائرات التحالف التى تشنف اذاننا وتطرب اسماعنا وبين ضجيج خرايب مضادات الطائرات العراقية التى وضعت فوق المنازل والمساجد والمدارس فى تصرف جبان من الجيش العراقي بالاحتماء بالمدنيين فى الكويت لمواجهة قوات التحالف .. لقد رايت كما راى الصامدون تلك الايام علامات الوهن وروح الياس قد تمكنت من العراقيين وكانوا موقنين بالهزيمة الساحقة لهم بقدر ايماننا بالنصر المنتظر لبلدنا العزيز ... وفى اخر اسبوع وبالتحديد فى الجمعة الاخيرة من الغزو بادر المعتدون العراقيون باكبر عملية خطف يتوقعها العالم حيث اصابتهم الهلوسة داخل الكويت فبدأوا يلتقطون شباب الكويت ورجالها من امام منازلهم ومن عند المساجد وفى الشوارع بلا سبب وينقلونهم الى البصرة لاعتبارهم رهائن يساومون بهم الكويت بعد اقتراب بوادر الهزيمة الكبرى لام الخسائر العراقية فى حرب عاصفة الصحراء  وقد قدر من تم خطفهم فى اخر ثلاث ايام قرابة خمسة الاف شاب ورجل كويتى اعمارهم بين الخامسة عشر والخمسين عاما تقريبا ولولا دخول قوات التحالف للكويت ليلة التحرير لما بقي احد من اهل الكويت فى منزله الا وقد خطفه الغزاة الغادرون .. ثم جاءت البشرى العظيمة ببدأ الحرب البرية واقتحام قوات التحالف لمواقع العراقيين وتوجه القوات نحو بغداد مباشرة فى ضربة عنيفة لراس النظام الهالك صدام حسين وقواته المنهكة من اسابيع القصف الجوى المركز حتى اقبلت الليلة الحبيبة الى قلوبنا ليلة 26 فبراير 1991 وهذة قصة لوحدها لا زلت اذكر تفاصيلها وكانها البارحة وانا فى بيتنا بمنطقة الدعية ..
وكانت الساعة تشير الى الثانية بعد منتصف هذه الليلة العظيمة في تاريخ الوطن، وبيدي جهاز الراديو الصغير اقلبه وحيدا بين القنوات الاذاعية المختلفة، لعلي ألتقط خبرا عن هذه اللحظات الفاصلة في حرب تحرير الكويت من الغزو العراقي البغيض، حتى ألهب حماسي ما أعلنته الاذاعة السورية الثانية ليلا نقلا عن اذاعة اسرائيل ان الجيش العراقي الغازي بدأ انسحابا كاملا وفوريا من كل الاراضي الكويتية، فنهضت من فراشي صاعدا الى سطح منزلنا  لاطلع على حقيقة ما ذكر. لا تتخيل  هول المنظر في منتصف تلك الليلة الباردة والمظلمة، فطريق الدائري الثالث بين الدعية والشعب تحوّل في الاتجاهين  الى مجرى سيل من الآليات والمدرعات والمركبات العراقية والجنود العراقيين يتراكضون للفرار من مواقعهم وكأن الجمر تحت ارجلهم والنار خلف ظهورهم، وصراخهم واستغاثتهم بلغت مداها فأيقنت الساعة ان نصر الله تعالى قد اقبل علينا وهزيمة العراق قد حلت بهم لا محالة، وهو اليقين الذين لم يغب عن بالنا مذ ساعة احتلال الكويت، ثم استدعيت اشقائي ونسيبي من سرداب المنزل ليطلعوا على ما رأيته، ولم تكن الارض تحملنا فرحا وسعادة بما نرى ونسمع. انتظرنا على هذه الحالة حتى اشرقت شمس الكويت في ذلك اليوم المبارك، وصعدنا مرة اخرى الى السطح نتخفى لئلا يرانا احد من مجرمي الجيش العراقي، فلم نصدق أعيننا ونحن نرى الشوارع هادئة وثكنات العراقيين في السفارة الكندية (خلف المنزل) مهجورة، فخرجنا الى الشارع نسترق الانظار خفية، فلم يبشرنا بجلاء العراقيين وفرارهم الا جار لنا يقال له ابو احمد العوضي، وهو رجل في الخمسينات من عمره يقود دراجة هوائية ويرفع علم الكويت في يده قبل الساعة السابعة صباحا ويصيح: افرحوا يا اهل الكويت قد خرج (..) من البلد، يكررها بلا توقف، وقد كان مجرد حمل علم الكويت جريمة لا تغتفر اثناء الغزو العراقي.. فانطلقنا بالسيارة نطوف في المناطق والشوارع التي حرمنا منها لسبعة شهور، فلا نرى الا الصامدين من الشعب الكويتي، وقد اشرقت وجوههم بالفرحة العظمى وبالنصر المبين وهم يصيحون: الحمد لله رب العالمين. اين كنا وكيف اصبحنا، لقد تشردنا في الغزو العراقي وتقطعت اوصالنا وامتلأت بلادنا خوفا وقتلا وتفشت سرقات جنود الاحتلال وارهابهم، وشح علينا الاكل والغذاء والماء، وحرمنا من مغادرة منازلنا والصلاة في مساجدنا حتى سخر الله لنا العالمين، فانتصروا لنا.
فأي نعمة نعيش فيها هذه الايام، فاشكروها يا اهل الكويت فالبشكر تدوم النعم فالحمدلله من قبل ومن بعد ... والله الموفق.

ابو خالد 24/2/2013

الثلاثاء، 6 نوفمبر 2012

1934 مقاطعة الشيخ يوسف بن عيسى انتخابات مدير البلدية





__
التاريخ لا يكذب والرجال مواقف .. الشيخ يوسف بن عيسى من اولئك الرجال النادرين فى تاريخ الكويت حمل علما شرعيا كريما  وروحا وطنية عالية وعطاء سخي في خدمة الوطن واهله بلا حدود فلا عجب ان يتذكر الناس سيرته بالترحم له والدعاء بالمغفرة فهو واحد من الذين يستحقون بالاجماع لقب ( رجل دولة ) رحمه الله ..
احد ابرز مواقف الشيخ يوسف بن عيسى السياسية البارزة مقاطعته انتخابات مدير البلدية  سنة ( 1934 ) تقريبا وذلك بسبب ما راه من تدخل السلطة فى توجيه الاصوات لمرشح معين ضد رغبة المجلس وتعنتها فى اقصاء بعض الاعضاء وافتعال قضايا هامشية ضدهم لمنعهم من العضوية وضمان وصول اعضاء الاحتياط ليقوموا بالتصويت لمنصب مدير البلدية لمرشح متوافق مع رغبات السلطة بخلاف ماكان يسعى له ممثلوا الشعب وبالرغم من أن الشيخ يوسف بن عيسى يعتبر من المعتدلين فى العمل الشعبى واصحاب التهدئة بين المجلس والسلطة   وكذلك هو من المقربين من الحاكم انذاك الشيخ احمد الجابر رحمه الله الا ان كل ذلك لم يمنعه من قول الحق والامتناع عن المشاركة فى عملية تصويت شكلية وموجه لخدمة اطراف معينة ولا تمثل رغبات الشعب وممثليهم فكتب الشيخ يوسف اعتذارا رسميا الى الشيخ عبدالله الجابر رئيس المجلس انذاك قال فيها ( انا لا احضر هذة الجلسة كونها غير شريفة ) .. واترك لكم رواية خالد العدسانى رحمه الله لهذة الواقعة التى ارى فيها مناسبة لما يجري من انتخابات هذة الايام ..
_________
ملاحظة ما بين القوسين باللون الازرق اضافة من عندى
( بعد ظهور نتائج انتخابات اعضاء المجلس البلدي الثالث ومعرفة الاعضاء الحائزين على عضوية المجلس وعددهم 11 عضوا ) وبهذا اصبح الفوز بكرسي ادارة البلدية مضمونا بصورة قاطعة للمدير سليمان العدساني حيث ان كافة الأعضاء باستثناء ( ثلاثة ) مصممين بالحصول على تصويته له ، فلما يئس الملا صالح من فوز السيد نصف بكرسي ادارة البلدية بالطريق المشروع اوعزوا الى رئيس البلدية بتأجيل دعوة الأعضاء لانتخاب المدير يومين آخرين ريثما يبتوا انفسهم على أمر وفعلا فقد ركبوا متن الشطط إذ صدر في اليوم التالي كتابان من سمو حاكم الكويت احدهما يقضي باقالة العضو السيد زيد السيد محمد لكونه يحمل جوازا عراقيا متناسين انه قضى دورتين كاملتين عضوا في مجلس البلدية وان بعض المجالس البلدية لا تشترط المواطنية لكافة اعضائها علما بأن السيد زيد كان ابنا عن جد مواطنا كويتيا اضطر لحمل الجواز العراقي لتيسير الاجراءات التي تتطلبها ادارة نخيله الكثيرة في البصرة والكتاب الثاني باقالة الوطني الصميم مشعان الخضير بحجة واهية جدا هي انه لم يوافقهم على التعهد خطيا بعدم مغادرة الكويت اطلاقا اذ كانوا يعلمون اضطراره الى السفر الى البحرين اثناء موسم المتاجرة باللؤلؤ متناسين ان السيد مشاري الروضان هو الآخر من كبار تجار اللؤلؤ الذين لا يمكنهم البقاء في الكويت اثناء الموسم.
وبهذه اللعبة المكشوفة اسقطوا للسيد سليمان العدساني صوتين من اصوات انصاره واكسبوا السيد نصف صوتين جديدين من مؤيديه الذي كان دورهم احتياطيا (..)  ليحلا محل العضوين المقالين وبذلك ضمن السيد نصف ( كرسي ادارة البلدية ) اما الشيخ يوسف بن عيسى فقد بعث الى الشيخ عبدالله الجابر رئيس المجلس بورقة اعتذار عن حضور الجلسة قال فيها "انا لا أحضر هذه الجلسة لكونها غير شريفة" ...
وبهذا انكشف للكويتيين جميعا بعد هذه الفعلة الغريبة من هم الذين كانوا يقفون سنوات طويلة في الدفاع عن مصالحهم ضد تلاعب المتلاعبين (..) . وكان من اثر هذا الاستخفاف بمشيئة الناخبين والتزييف المتعمد في ارادتهم ان زال بعد ذلك اثر الصبغة والرقابة الاهلية عن المجلس البلدي فتحكم المتحكمون في اصدار القرارات التي تعجبهم وعدم الاخذ بالاكثرية الا في التافه من الامور  وهكذا خسر الكويتيون في لعبة ساخرة حقا حقوقهم التمثيلية ...
 _____

انتهت الرواية نقلا من مذكرات العدسانى رحمه الله   .. اعتقد ان الحادثة تشرح نفسها بنفسها وهكذا نعلم كيف يسمى الرجال رجال دولة عندما يحافظون على مصداقيتهم ويوفون بعهودهم ولا تغرهم مناصب الدنيا الزائلة .. والحمدلله رب العالمين
تقبلوا تحياتى وشكرا لمتابعتكم ..
ابوخالد وليد الغانم
6/11/2012

الأحد، 14 أكتوبر 2012

1863 ذبحة عنبر فداء لاهل الكويت ...


1863 ذبحة عنبر فداء لاهل الكويت
عنبر هو احد عبيد الشيخ صباح الثاني (1859- 1866  ) والد مبارك ومحمد وجراح  وكان عنبر محل ثقة عنده وجعله مأمورا على الرسوم والجمرك على القوافل المسافرة وفي احد الايام كانت احد القوافل تستعد للسفر الى نجد ومعها اموال كثيرة للكويتيين ولكن لم يولها عنبر اهتمامه فتاخرت عن موعدها فذهب له الناس والحوا عليه ليباشرها ويستوفيها رسومها لتتم سفرها الا انه تمادى واعرض عنهم ..
انطلق الناس الى احد وجهاء الكويت وكبار تجارها انذاك وهوالوجيه عبدالله العنجري فطلبوا منه التدخل عند المأمورعنبر فذهب اليه وحاوره فاختلفا ووصل الامر الى التساب والشتيمة بينهما فغضب عنبر مما سمعه من الكلام فقرر الانتقام من عبدالله العنجري  ..
بعدها بفترة قصيرة تواجه عنبر والعنجري لوحده والقى عليه من الشتائم والسباب ونزل عليه ضربا بعصاه حتى اوقعه بحالة كسيفة  ثم ذهب عنبر وترك العنجري ملقيا على الارض لا يقوى على الحراك .. بلغ الامر وجهاء البلد فاجتمعوا للبحث في هذة الواقعة فاتفقوا ابلاغ حاكم الكويت الشيخ صباح الثاني بتالمهم من هذا الحدث وطلبهم ان يعاقب عنبر وينفيه من الكويت ..
ذهب التجار للشيخ صباح الثاني وابلغوه ما جرى وطلبوا نفي عنبر من البلد لكن الشيخ صباح لم يتفاعل معهم بطلب طرد عنبر ونفيه من الكويت وقال لكم منى ضربه وسجنه وعزله من وظيفته فقالوا له لا يرضينا الا نفيه خارج الكويت وان لم تجبنا الى طلبنا سنغادر البلد ؟ فقال كيف يسعكم ذلك وهى امكم ؟ فقالوا له : يسعنا لانها اساءت الينا ولم تعطف علينا ؟
لم يصل الطرفان الى اتفاق فلم يتنازل التجار عن طلبهم ولم يستجب لهم الشيخ فقام التجار وعددهم نحو 30 رجلا وقد غضبوا وعزموا على الهجرة من الكويت فحرك هذا الامر الشيخ محمد بن الشيخ صباح ( وكان عمره حينها 25 عاما )  حيث كان حاضرا للمجلس وشق عليه ان يهاجر التجار ويتركوا البلد لاجل هذة الواقعة  فقام من مجلسه ثم فى لحظة واحدة رفع سلاحه على عنبر فقتله فسكنت الفتنة وكف القوم عن نزعهم للهجرة ...
هذة القصة كما رواها مؤرخ الكويت الأريب والعلامة الاديب الشيخ عبدالعزيز الرشيد رحمه الله في كتابه تاريخ الكويت ونقلها منه حرفيا المؤلف حسين خزعل فى كتابه تاريخ الكويت السياسي ..
بلا شك ان هذة القصة القصيرة فيها عبر واحداث تستحق الوقوف عليها بنظرة متجردة لكل الاشخاص والاقوال والافعال وردود الافعال الواردة بها الا اننى لن اعلق على هذة الواقعة الا بتعليقين فقط واترك لكم قراءة الاحداث مرة اخرى بتأنى وركادة وتبصر ليستخلص كل قارئ ما يراه من العبر , واما ما اود ذكره فهو التالى  
1-    لا يجوز قتل عنبر بما فعله فهو نفس مسلمة مسالمة وامنة وان تجاوز فى عمله لكن القتل كبيرة من الكبائر ..
2-    ان الشيخ محمد بن صباح قاتل الخادم عنبر قتل بعد ذلك على يدي اخيه الشيخ مبارك سنة 1896 أى بعد 33 سنة ,,,
شكرا لمتابعتكم والله الموفق
ابوخالد 14/10/2012 

الجمعة، 24 أغسطس 2012

ليلة الحرب الجوية .. مذكرات شاهد على الغزو العراقي (4) .

 كان يوم 29-11-1990 حاسما فى مسيرة تحرير الكويت من الغزو العراقي الغادر , انه اليوم الذى قرر العالم الموافقة على استخدام كل الوسائل الممكنة لتحرير الكويت بما فيها القوة العسكرية وذلك بعد صدور القرار 678 من الامم المتحدة وفقا للفصل السابع وهو قرار تاريخي بما تعنيه الكلمة حيث تضمن القرار الفقرات التالية
1.     يطالب أن يمتثل العراق امتثالاً تاماً للقرار 660 (1990) وجميع القرارات اللاحقة ذات الصلة ويقرر في الوقت الذي يتمسك بقراراته أن يمنح العراق فرصة أخيرة كلفتة تنم عن حسن النية للقيام بذلك.
2.     يأذن للدول الأعضاء المتعاونة مع حكومة الكويت ما لم ينفذ العراق في 15 كانون الثاني 1991، أو قبله القرارات السالفة الذكر، تنفيذاً كاملاً كما هو منصوص عليه في الفقرة أعلاه وتنفيذ القرار 660 (1990)، جميع القرارات اللاحقة ذات الصلة وإعادة السلم والأمن الدوليين في المنطقة.
3.     يطلب من جميع الدول أن تقدم الدعم المناسب للإجراءات التي تتخذ عملاً بالفقرة 2 من هذا القرار.
لقد كان هذا القرار المنتظر بفضل الله تعالى نقلة نوعية فى هدم الغزو وحصر مدته وارغام العراق على الامتثال للعدالة والقانون الدولى ومنح  لاهل الكويت الصامدين والمغادرين دفعة عظيمة من الامل والتفاؤل فى قرب الانتصار المدوى على الباطل العراقي وهذا ما تحقق ..
ظللنا ننتظر اليوم الموعود وهو 15 يناير 1991 على احر من الجمر كنا نعد الايام عدا ونحصي الساعات وكاننا ننتظر العيد وكان مما يزيدنا املا مشاهدتنا للخوف البين فى نفوس الجنود العراقيين ومعنوياتهم الهابطة وخوفهم من الحرب مقابل التفاؤل الفائض في عيون الكويتيين الصامدين ومرت علينا تلكم الايام الباردة حتى جاء الوعد وانتهت المدة المقررة فقلنا تعالى ايتها الحرية واقبلي ..
الخميس 17-1-1991بعد انتهاء المهلة الدولية للعراق بيومين كنا مجتمعين في مركز شباب الشامية الذي سبق ان ذكرت لكم انه تحول الى سوق مركزي بديل عن الجمعية التعاونية ومركز اجتماعي فعال لابناء الشامية اثناء الغزو العراقي الغاشم يلتقون فيه يوميا للمؤازرة والتباحث في احداث الغزو المتوالية...
وفي الساعة 4  مساء جاءنا الصديق ناصر المطني من السرة فاخبرنا ان العراقيين قرروا حظر التجول فورا بدلا من منعه بعد المغرب فقط تحسبا لانتهاء المدة الدولية الممنوحة لهم للانسحاب من الكويت فحبسنا مضطرين في الشامية وعجزنا عن العودة الى منازلنا واستضافنا ليلتها الصديق محمد مبارك في منزل احد اقربائه في قطعة 3 وبتنا تلك الليلة ومجموعة من الاصدقاء منهم الاخ جاسم الحمود وابراهيم السبيعي واخرين نترقب ساعة الصفر الموعودة ولم يكن لدينا الا راديوصغير هو واسطتنا الى العالم.. طال بنا الليل دون حدث يذكر فنمنا بعد منتصفه ولم نكد نغفو حتى استيقظنا مرعوبين على اصوات مدافع العراقيين المضادة للطائرات - وكانوا قد وضعوا احد المدافع على برج مدرسة اسماء المتوسطة للبنات - وامواج هدير الطائرات تزلزل الكويت معلنة بدء حرب التحرير الغالية... تدافعنا الى سطح المنزل وكانت الساعة بعد الثانية ليلا فاذا السماء مخضرة من انوار الطلقات النارية ولا نكاد نسمع بعضنا من اصوات المعركة يغالبنا شعور الفرح والخوف من هذه التجربة العنيفة التي لا نتمناها لاي انسان وكانت اصوات المدافع كانها تغريد الطيور على قلوبنا وهدير الطائرات كاجمل الاصوات وسهرنا ليلتنا هذه الى ما بعد الفجر فلما توقفت الطائرات عن التحليق هرعنا الى الشارع الرئيسي الفاصل بين قطعتى 3 و 7 ش (عبدالله المجرن) فلم نجد العراقيين يتجولون
كعادتهم بجانب دوار الشامية ولم نرهم كذلك على الشارع الرئيسي بين الشامية والشويخ فصرخنا نحتفل ظنا منا ان الكويت قد تحررت وان الحرب فقط هذة الساعات الوجيزة ,  وصوّرنا حينها بكاميرا فيديوالصديق خالد مبارك الحميدى من شرفة منزلهم , ثم بعد مرور الوقت استوعبنا غموض الموقف وخلو الشارع من الكويتيين والصمت القاتل في المنطقة عدنا ادراجنا قلقين  , ونلتقط الاخبار من الراديو وننتظر موعد صلاة الجمعة ..
لما التقينا اهل الشامية بعد صلاة الجمعة في مسجد ق 7 ( عثمان بن مظعون ) وكان الخطيب الشيخ عدنان عبدالقادر  – جزاه الله الف خير -  وبعد الخطبة اخبرنا الصديق خالد الحمدان ( المحامى ) وكان لديهم جهاز ستلايت في منزلهم يتابعون عبره القنوات العالمية ان قوات التحالف أعلنت ان الحرب الجوية ستستمر اسابيع وربما شهورا حتى تتحرر الكويت فاصابنا انقباض وخوف من انتقام العراقيين من الصامدين داخل البلد او بتقاعس العالم عن مواصلة حرب التحرير لكن املنا بالله سبحانه كان اعظم واكبر.. ظلينا فى منزل الصديق محمد مبارك اسبوع تقريبا لا نبارحه الا قليلا ثم بعد ذلك قررت العودة لمنزل الاهل فى منطقة الدعية وفعلا عدت هناك والتقيت اهلى بعد ان انقطعت الاتصالات بهم من بداية الحرب الجوية , لكنى عدت مرة اخرى الى الشامية بعدها بايام ..
استمرت الحرب بعد ذلك وكانت الظروف صعبة فالكهرباء تنقطع احيانا والاتصالات شبه معدومة والتجول بالسيارات ممنوع بالمرة فاستخدم الرجال الدراجات ( القوارى ) عند الضرورة والمياه شحيحة فى بعض المناطق وزادنا من الاكل يتقلص رويدا رويدا  والخوف من قيام الجيش العراقي باستخدام اسلحة كيميائية داخل الديرة هاجسنا جميعا والناس تجمعت فى السراديب واغلقت النوافذ ووضعت عليها الملصقات وجمعنا الفحم والاكياس كوقاية بدائية ضد السلاح الكيماوي .. وللحديث عن تلك الايام بقية
توالت الاخبار المشجعة واقترب النصر الكبير حتى منّ الله سبحانه بأعظم نعمة على اهل الكويت نعمة التحرير نعمة جليلة  تحتاج الى الذكر والشكر فبهما تدوم النعم وبالجحود تزول النعم  وهي واجبة علينا جميعا حكاما ومحكومين وهذا لن يكون بالشقاق والاختلاف وانما يكون بالاتفاق  والوئام ... والله الموفق.

الخميس، 16 أغسطس 2012

قائمقام الكاظمية .. من مذكرات شاهد على الغزو العراقي (3) .





نوفمبر 1990بعد مضي ثلاث شهور تقريبا من الغزو العراقي الغادر ,  الاخ العزيز محمد سليمان العثمان من سكان منطقة الشامية وهو احد اصدقاء ثانوية كيفان قبل الغزو تعمقت الصداقة معه ايام الغزو  لما عملنا جنبا الى جنب مع اللجنة الشعبية في مركز الشامية والتي قامت بأعمال جليلة  بمعاونة الصامدين فى ادارة الاعمال المدنية انذاك
كان اهل محمد خارج الكويت وقت الغزو وهو ساكن عند جدته فى النزهة يتنقل بين منزلها وبين منزلهم فى الشامية اتصل بي محمد  وقال: أدركني يا وليد فقلت  خيرا يا محمد أمرني قال: كنت عائدا من النزهة الى الشامية  فوجدت جنديين يسرقان منزلنا فأغلقت الباب عليهما ثم أتيت بضابط المخابرات العراقي - وكانوا يحتلون نقابة الطيارين في الشامية بجوار منزل محمد - فقبض عليهما الضابط العراقي متلبسين بالجرم المشهود قلت: الحمد لله ثم ماذا؟! قال طلب مني الضابط ان اذهب إلى مخفر الصالحية لاسجل قضية واحضر معي شاهدا ؟ قلت له شاهد من أين تأتي بالشاهد والضابط أمسك بهما بنفسه بالجرم المشهود ؟! قال هكذا طلب مني وهددنى ان يحولنى للمخفراذا لم انفذ تعليماته ! قلت له لا عليك انا معك شاهد فوقت الغزو كلنا شهود على جرائم العراقيين المعتديين صغيرهم وكبيرهم فمتى الموعد الذى تريد الذهاب به الى المخفر  قال لقد حدد لى موعدا الليلة الساعة السادسة مساء. ذهبنا الى مخفر الصالحية ( موقعه القديم بجانب مجمع الصالحية ) متأخرين  دقائق عن الموعد ولما دخلنا على الضابط العراقي بادرنا بالسباب لتأخيرناِ لم نرد فلا توجد خيارات قال ستذهبون الآن الى المحكمة ! محكمة أي محكمة قلنا له لقد جئنا نسجل قضية ونمشي  قال لا يابا هو على كيفكم سجلنا القضية والحين تروحون في الكاظمية عند القائمقام !! أي كاظمية وأي قائمقام عرفنا الاولى لنعرف الثانية 'كانت الكاظمية مدينة الكويت (سوق الديرة) والقائمقام هو قاضي عراقي في محكمتهم .. قال ستذهبون الان مع المساجين ومع الضابط ..
انتظرنا في الممر مقابل الزنزانة التي حشرت بالمساجين مثل السمك في سر الحظرة - واذا كانت الزنزانة تكفي ل10 او 15 سجين لقد حشرت باكثر من ذلك حتى انهم كانوا وقوفا من كثرتهم - حتى حان موعد الذهاب إلى المحكمة انطلقنا بسيارتنا خلف سيارة الضابط 'المسروقة' طبعا من احد الكويتيين و حوالى السابعة مساءا وصلنا مخفر المدينة  الذي تحول الى موقع للقائم مقام العراقي  كان هناك مجموعة من المقبوض عليهم  عراقيين وغيرهم ومن ضمنهم الجنديان السارقان كانا مرعوبين جدا لما رأيا محمد تعرفا عليه فاقبلا عليه يقبلانه من رأسه الى أخمص قدميه حتى  ( قبلا حذاءه ) يرجوانه ان يتنازل عن القضية لانهما موقنان بالعقوبة الصارمة التى قد تصل للاعدام و نظر الي محمد وهو يفكر ان يغير كلامه قلت له اياك ان تغير كلامك أو تتنازل فقد تنقلب القضية عليك  قل الحقيقة التى حصلت امامك وهنا جاء الضابط العراقي المرافق وقال لمحمد اياك ان تغير اقوالك عند القاضي والا ستنقلب القضية ضدك  ثم نظر هذا الضابط الى الجنديين المرعوبين واشار بيده الى رقبته يهزها هزا ويضحك بكل لؤم في اشارة خبيثة الى الاعدام وكانه هو من جنس اخر غيرهم  لم يتمالك الجنديان نفسيهما كاد يغمى عليهما وهما يبكيان , انتظرنا الى ان جاء دورنا عند القائمقام العراقي فدخل محمد عليه لوحده لوقت وجيز جدا لم يدم  نصف دقيقة وخرج في الحال قلت له خيرا ان شاء الله؟ قال لا ادري لم يكلمني او يسألني رآني ثم وقع على الاوراق! قلت له ألم يحقق معك؟ قال: لا ابدا! سألنا الضابط  فقال 'خلاص حكم بالإعدام على السارقين !
 خرج القائمقام العراقي فتجرأ محمد وسلم عليه يريد ان يكلمه في القضية فما ان بادره بالحديث انتفض القاضي و نظر نظرة ارعبت المرافقين ممن حوله ثم عاد مسرعا الى مكتبه واستدعى الضابط  لقد رأيناه من الباب الزجاجي يكيل له الشتائم والضابط يتلقاها بخضوع ثم خرج الضابط فقال كيف تكلمونه امام الناس قال محمد نريد نشوف قضيتنا قال لقد حكم خلاص قال لم يسالنى ولم يحقق معى قال له الملف فيه كل شى ولا تعيدونها ..
 خرجنا من مخفر المدينة الساعة التاسعة ليلا وعدنا الى مخفر الصالحية الى الضابط الاول وسلمه المرافق ملف الاحكام ومن ضمنه قضية السرقة فلما قرأه   واذا هو حكمبالاعدام قال لمحمد العثمان  'يالله جهز حالك انت وأهلك الاعدام الليلة عند بيتكم الساعة 12 منتصف الليل'، فاكتملت فصول الرعب قال محمد أي اعدام يا معود اعدمهم عندك وإلا في أي مكان آخرليش تجيبهم بيتنا بهالليل ؟  قال 'يابا نريد لأهلك أن يشهدوا العدالة العراقية'( وكانهم يعرفون العدالة ؟؟ ) قال محمد وبعفوية: حضرة الضابط اهلى مسافرون ولا احد معى الا جدتي وهى  امرأة مسنة وعمتي متعبة  كيف تحضران الاعدام ليلا في هذه الظروف ؟
 هناك ضحك كثيرا الضباط العراقيون وكانوا ثلاثة وخاطبهم الضابط قائلا 'ولك شنهو تخافون يالكويتيين ؟ احنا اذا ما نذبح كل اسبوع 3 أو اربعة شلون نعيش ؟؟  لم نتكلم أو نعلق فهذا النوع من 'الغشمرة' لم نعتد عليه في الكويت المهم طلب الضابط من محمد 'مسجلة أو تلفزيونا' مقابل ان ينفذ الحكم بعيدا عن منزله وافق محمد حالا وخرجنا من هذه الليلة المأساوية التي لا يمكن نسيانها    طبعا لا ندري إن نفذ حكم الاعدام حقا  أو لم ينفذ  والحمد لله لم نشهد في محكمة الكاظمية البائدة على احد منهم  الا ان ايام الغزو حفلت بالكثير من الذكريات والاحداث ذات العبرلا يصدقها الا من عايش تلك الايام وشاهد بنفسه المغول كيف يسرقون ويهدمون ويأسرون ويقتلون الى ان جاء امر الله تعالى ونصر الكويت وشعبها في نعمة عظيمة لا تعادلها نعمة والحمدلله رب العالمين .

الخميس، 9 أغسطس 2012

أسير الشامية .. من مذكرات شاهد على الغزو العراقي (2) .



شقاوته في الطفولة بلغت منتهاها ( مواليد 1969 ) لم يكمل 14 سنة حتى اشتهر بين أقرانه في منطقة الشامية بقصصه العجيبة , لكن فى بداية مراهقته تحولت حياته الى جانب آخرمغاير تماما لسلوكه الاول لازم صلاح عبداللطيف الدوخي المسجد وهو في الخامسة عشرة من عمره ولم تمض 3 سنوات حتى ختم القرآن الكريم كاملا ثم التحق بوزارة الاوقاف مؤذنا نشاطه أيام الطفولة تحول الى طموح كبير واعتزاز بالنفس وألهمه آمالا عظيمة لم يكن كسائر الشباب من عمره بل كان من نوع فريد تعارفنا في المرحلة المتوسطة في مدرسة الشامية عام 1983 كنت انا فى الثالث متوسط وكان هو فى الصف الرابع واستمرت العلاقة الأخوية حتى الغزو العراقي اذ تشاركنا في العمل مع 'اللجنة الشعبية' التي اتخذت من مسجد شيخ الاسلام ابن تيمية في قطعة 8 مقرا لها برئاسة الشيخ عدنان عبدالقادر والاخ الكبير بدر المطنى المطيري وقام شبابها من ابناء منطقة الشامية باعمال مدنية رائعة جليلة تستحق لها وقفات مستقبلا بإذن الله تعالى       مثلما قام به المرابطون والصامدون في مناطق الكويت المختلفة                                                                               
لم تهدأ نفس صلاح من اول يوم للغزو ( كان يكبرني بسنتين وعمره 21 عاما ) ولم يستكن للمقاومة المدنية العادية اراد حمل السلاح والعمل العسكري على الرغم من قلة خبرته بذلك فسعى بنفسه للبحث عن مجموعات يلتحق بها، وكان يكرر علي اكثر من مرة 'كيف نترك العراقيين يعبثون بالبلد ولا نحرك ساكنا وكنت اقول له اترك هذا للعسكريين وشارك بالعمل المدني '.  كنا قضينا اول شهرين تقريبا من الغزو ننام فى مسجد الشامية وكان من عملنا لجنة اتصال تسهر للتواصل مع المواطنين الصامدين بتلقي الاتصالات ( بجهاز الهاتف النقال الضخم انطلق  ) قبل ان يضيق علينا العراقيون السبيل  في المساجد واضطررنا لترك الاقامة فيها بعد اشتداد ملاحقتهم للناس فيها
 وفي ليلة من ليالي شهر 8 وبالتحديد في الاسبوع الثالث للغزو العراقي كنا سهارى في المسجد في منتصف الليل حدثني صلاح عن المقاومة العسكرية  قلت له يا صلاح ليس هذا مجالنا ولا نقدر على هذه الامور قال: الامر بسيط هناك خلية جديدة في بيان يبحثون عن شباب لإلقاء القنابل اليدوية على مواكب العراقيين؟ ! فقلت له يا صلاح الامر ليس بهذه السهولة قال : صدقني في يوم واحد تتدرب عليها وتتمكن منها واصلنا النقاش ولم نصل الى نتيجة لم أملك جرأته وشجاعته ولم استطع اقناعه بان هذة الاعمال تحتاج لترتيب وتنظيم وليس العشوائية والاندفاع  فقد كان صعب المراس
في اليوم التالي مباشرة بتاريخ 22/8/1990 قام صلاح ومعه اثنان من شباب الشامية هما صلاح الخضر 17 عاما وطلال الفودري 15 عاما بوضع خطة تقتضي باستدراج الجنود العراقيين لتوصيلهم بسيارة صلاح ( بيوك بيج موديل 1987 )  ومن ثم قتلهم بالمسدسات التي كانوا يخبئونها بين ملابسهم في احد الشوارع المدعوسة , لم تفلح أول محاولة لهم حيث توقفوا بسياراتهم عند مجموعة من العراقيين عند محطة مواصلات وعرضوا توصيلهم لاى مكان يريدونه لتنفيذ خطتهم بقتل من يركب معهم .. اكتشف العراقيون الخطة بعد ملاحظتهم ارتباك الشباب فانقضوا عليهم وفتشوهم فوجدوا سلاحين من نوع فرد كولت احدهما في دشداشة صلاح الخضر وتم القبض عليهم في اليوم نفسه واقتيادهم الى منزل في كيفان او ربما مسرح كيفان حيث اتخذه العراقيون مقرا للقيادة والاستخبارات والتعذيب ..
اذكر انى كنت عائدا مع صديقي جاسم الحمود بعد صلاة الظهر ذلك اليوم فقابلنا 2 من الربع هما م .عماد الشطي ومحمد مبارك ( مدرب منتخب اليد لاحقا ) وكانا في شدة الاضطراب يسالانا هل رايتم صلاح الدوخي ؟ لم نكن نعلم بالحدث فقالا انه مفقود بعد الصلاة وان هناك من اخبرهم ان تصادم مع العراقيين ! لم نتعرف على حقيقة الحادثة سوى من الاقاويل المختلفة التى تلقيناها من هنا وهناك دون معرفة تفاصيل صحيحة بالحدث حتى صلينا العصر ونحن حائرون ..
 بعد العصر تم تطويق الشارع الفاصل بين قطعتي 3 و7 في الشامية ( شارع المجرن )  بالجيبات والسيارات العسكرية العراقية ونزلت قوة من الجنود العراقيين بالعشرات محملة بانواع الاسلحة والعتاد فلما سمعنا بالخبر انطلقنا من المسجد للشارع نفسه  ورأيت بنفسي الاسير صلاح رحمه الله - مكبلا وبملابسه الداخلية بدون دشداشة في جيب عراقي مقابل منزلهم في حين نزلت قوة من العراقيين عاثوا بمنزلهم وفتشوه بحثا عن أي اسلحة او اوراق ومستندات تدل على المقاومة ولم يجدوا شيئا , واخبرنى اخوان صلاح بعدها ان المنهول الرئيسي للمنزل في الحوش كان معبا عن اخره بالاسلحة لكن الله سلم ان لم يفتحه الغزاة العراقيون , وكان هذا اخر يوم شاهدنا فيها صلاح رحمه الله
سبق لصلاح الدوخي  ان افلت مرتين من العراقيين بأعجوبة وبشكل لا يصدق ويبدو ان هذه المرة الثالثة سينطبق عليه المثل 'الثالثة ثابتة'، بعدها تم نقلهم الى روضة اطفال في الخالدية ومنها الى جامعة الكويت مقر التعذيب العراقي , قال لى لاحقا طلال الفودري ( الوحيد الذى نجا منهم ) انه ظل طوال الليل يسمع صراخ صلاح وصلاح من الغرف المجاورة له من فرط التعذيب الذى لاقياه من مجرمى الجيش العراقي الغازي وفي اليوم الاول اطلق العراقيون سراح اصغرهم طلال الفودري واما الصلاحان الدوخي والخضر فانقطعت اخبارهما منذ ساعتها بالرغم من المحاولات الحثيثة التى بذلها اهلهم للوصول لهم ولكن دون جدوى
بعد 14 عاما وفي 8/1/2005 وبعد سقوط نظام المجرم صدام حسين تم الاعلان عن اكتشاف رفات مجاميع من الشهداء الكويتيين باذن الله من الاسرى وكان منهم صلاح الدوخي البطل الشهم الذى لم يقبل تدنيس العراقيين لبلاده الحبيبة الكويت اليوم مازلنا نستذكر الصديق العزيز صلاح الدوخي ورفيقه صلاح الخضر الذى حددت وفاته 1/8/2004ونسأل الله تعالى ان يرحمهما ويجعلهما من الشهداء  لم يكن فراق صلاح الدوخي سهلا على أهله واصدقائه فقدنا شابا مخلصا طموحا سباقا للخير له نفس ابية لا تقبل المذلة والظلم
الشهيد – باذن الله تعالى - صلاح الدوخي وزميله صلاح الخضر شابان من المئات والآلاف من الشباب الذين تفخر الكويت بهم وتستحق قصصهم ان تدرس وتروى للاجيال المتوالية ولا يضر صلاحا ان يجهله كثير من الناس فإنا نسأل الله تعالى ان يعزه في الدنيا والآخرة والله الموفق
الحمد لله على نعمة التحرير
ورحم الله شهداءنا الأبرار